شارك مع أصدقائك

أستراليا تقدم قرضًا – اقتصاد

قدمت أستراليا قرضًا جديدًا بقيمة 570 مليون دولار لبابوا غينيا الجديدة، وهي دولة تعاني من صعوبات مالية كبيرة.
ويهدف القرض إلى دعم ميزانية الحكومة وتمويل الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم.

بالإضافة إلى تعزيز الاستقرار الاقتصادي في البلاد.

هذا القرض هو الخامس الذي تمنحه أستراليا لبابوا غينيا الجديدة منذ عام 2020.

مما رفع إجمالي المساعدات المالية الأسترالية إلى أكثر من 3.1 مليار دولار منذ تفشي جائحة كوفيد-19.

تمت الموافقة على القرض بهدوء في ديسمبر الماضي، لكنه لم يتم الإعلان عنه رسميًا إلا مساء أمس الأول.

ولك عندما قدمت وزارة الخزانة الأسترالية بيانًا إلى البرلمان.

هدف البيان

وأوضح البيان أن أمن واستقرار بابوا غينيا الجديدة يمثلان أولوية استراتيجية لأستراليا.

مما يبرر استمرار تقديم الدعم المالي لها.

وذكر البيان أن هذه المساعدات المالية تهدف إلى سد العجز في الميزانية.

مما يساعد الحكومة على تمويل الخدمات الأساسية ومواصلة الإصلاح الاقتصادي.
كجزء من الاتفاق بين البلدين، وافقت بابوا غينيا الجديدة على فرض رقابة أكثر صرامة على الاستثمارات الأجنبية،

خاصة في مشاريع البنية التحتية.

رقابة صارمة

والهدف من ذلك هو منع تنفيذ المشاريع التي قد تكون غير مجدية اقتصاديًا أو تشكل خطرًا على الأمن القومي.
وجاء هذا القرار بعد محادثات بين أمين صندوق بابوا غينيا الجديدة، إيان لينج ستوكي، ونظيره الأسترالي جيم تشالمرز.

وكانت بابوا غينيا قد أعلنت خلال اجتماع وزاري في يونيو الماضي أنها ستشدد إجراءات التدقيق على الاستثمارات الأجنبية.

ويأتي هذا في ظل تزايد الاستثمارات الصينية في البلاد خلال السنوات الأخيرة، لا سيما في قطاعات البناء والتعدين والبنية التحتية.

تراقب الحكومة الأسترالية عن كثب تزايد الاستثمارات الصينية في بابوا غينيا الجديدة، خاصة في مشاريع البنية التحتية الحيوية.

ومن بين أبرز هذه المشاريع كابل الإنترنت البحري الذي يمتد لأكثر من 5500 كيلومتر ويربط عدة مدن،

والذي قامت شركة هواوي الصينية ببنائه.

خشية الحكومة الأسترالية

وتخشى الحكومة الأسترالية من احتمال استخدام هذه البنية التحتية لأغراض التجسس الإلكتروني.

في عام 2018، منعت الحكومة الأسترالية هواوي من بناء شبكة كابلات بحرية أخرى بطول 4700 كيلومتر،

والتي كانت ستربط بابوا غينيا الجديدة وجزر سليمان بأستراليا.

وبدلاً من ذلك، قامت أستراليا بتمويل شركة محلية لتنفيذ المشروع.
إضافةً إلى ذلك، تتابع أستراليا باهتمام بعض المشاريع الصينية الأخرى في بابوا غينيا الجديدة، مثل:

  • المنطقة الاقتصادية الخاصة في إيهو.
  • مشروع بناء حديقة صيد صناعية في جزيرة دارو.
  • وهو مشروع أثار جدلاً واسعًا لكنه لم يتحقق حتى الآن.

رغم أن بابوا غينيا الجديدة تمكنت من خفض عجز ميزانيتها خلال العامين الماضيين، إلا أنها لا تزال تواجه تحديات مالية، مثل نقص الإيرادات وشح النقد الأجنبي.

تساؤلات هامة

ويثير هذا الوضع تساؤلات حول قدرة البلاد على سداد القروض المتزايدة.

يقول البروفيسور ستيفن هاوز، مدير مركز سياسة التنمية في الجامعة الوطنية الأسترالية،

إن أستراليا عادةً ما تقدم مساعداتها للدول الأخرى في صورة منح وليس قروضًا.

وأوضح أن تقديم القروض بدلاً من المنح ربما يكون جزءًا من المنافسة الجيوسياسية مع الصين،

حيث تعتمد بكين على سياسة الإقراض لتوسيع نفوذها في المنطقة.

وأضاف هاوز أن حكومة بابوا غينيا الجديدة طلبت القرض بنفسها،

وأن أستراليا وافقت عليه لتجنب أن تلجأ بابوا غينيا الجديدة إلى الصين كمصدر تمويل بديل.

على الرغم من أن وزراء بابوا غينيا الجديدة وأستراليا أعربوا في وقت سابق عن رغبتهم في تقليل الاعتماد على القروض،

إلا أن استمرار تقديم الدعم المالي يثير نقاشًا حول مدى استدامة الديون المتراكمة.

ويشترط برنامج الدعم المالي الذي تقدمه أستراليا منذ عام 2020 أن تواصل بابوا غينيا الجديدة تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي.

أهداف البرنامج

ويهدف هذا البرنامج إلى تقليص العجز المالي في البلاد ومعالجة النقص الحاد في النقد الأجنبي الذي تعاني منه منذ عام 2014.
ويرى بعض الخبراء أنه من المهم تقييم القرض وفقًا لمدى نجاح هذه الإصلاحات الاقتصادية.

وأعرب البروفيسور هاوز عن قلقه من استمرار مشكلة نقص النقد الأجنبي رغم تلقي بابوا غينيا الجديدة عدة قروض خلال السنوات الماضية.

أكدت وزارة الخزانة الأسترالية أن القرض لن يشكل عبئًا على دافعي الضرائب.

بشرط أن تقوم بابوا غينيا الجديدة بسداده في الوقت المحدد.

ومع ذلك، يرى الخبراء أن هناك دائمًا مخاطر في مثل هذه القروض السيادية.

وقال البروفيسور هاوز إن بابوا غينيا الجديدة لم تتخلف عن سداد القروض في الماضي،

لكن لا يمكن الجزم بعدم وجود أي تكلفة على دافعي الضرائب.
وأضاف: «إذا سارت الأمور جيداً، فلن يكون هناك أي تكلفة، ولكن مع القروض السيادية، هناك دائمًا احتمال للمخاطر».
يأتي القرض الأسترالي الجديد في وقت حساس، حيث تحاول بابوا غينيا الجديدة تحقيق الاستقرار الاقتصادي وسط تحديات مالية كبيرة.

ضمان الاستقرار

وفي الوقت نفسه، تسعى أستراليا إلى ضمان استقرار جارتها القريبة، ومواجهة النفوذ الصيني المتزايد في المنطقة.

ويبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن بابوا غينيا الجديدة من الاستفادة من هذا القرض لتعزيز اقتصادها، أم أنها ستظل تعتمد على المساعدات الخارجية في المستقبل؟