شارك مع أصدقائك

على مدى 49.77 ثانية في عام 2000، نسي الأستراليون خلافاتهم وتوحدوا في لحظة وطنية نادرة، وهم يشاهدون كاثي فريمان تفوز بالميدالية الذهبية الأولمبية، في مشهد غمرته مشاعر الفخر الوطني.

كانت دورة سيدني الأولمبية ناجحة، وكانت أستراليا تزدهر اقتصاديًا، وعندما قامت فريمان بجولتها الاحتفالية حاملةً علم السكان الأصليين والعلم الأسترالي معًا، بدا وكأن التاريخين يمكن أن يندمجا أخيرًا.

لكن بعد مرور ربع قرن، لا يزال هناك خلاف كبير يعكر صفو المصالحة بين السكان الأصليين والمستوطنين الأوروبيين، ويتجدد الجدل حوله في كل شهر يناير: إنه “يوم أستراليا”.

تزايدت الأصوات المطالبة بتغيير التاريخ تحت شعارات مثل “غيّروا التاريخ” و”ليس يومًا للاحتفال”، حتى أن بعض المنظمات والشركات بدأت في النأي بنفسها عن هذه المناسبة.

بالنسبة للكثير من السكان الأصليين، فإن 26 يناير يُعرف بـ”يوم الغزو”، وهو ذكرى مؤلمة تجسد بداية معاناة الأرض وسكانها الأصليين على يد المستوطنين القادمين من الخارج.

اقتراح بديل.. 25 سبتمبر

في هذا السياق، برز مغني الراب وصانع المحتوى رولا كيلي-مانسيل، وهو من شعب الباكانا (Pallittorree/Tulpampanga Pakana)، ليقدم حلاً لهذا “الجدل العاطفي” حول يوم أستراليا.

يقول رولا: “أتفهم أن 26 يناير سيظل يوم حداد لشعبي، ويوم احتفال لمن يختارون ذلك، بغض النظر عن تغييره أو بقائه”. وأضاف: “لكن الحقيقة هي أننا لن نتفق أبدًا على ما حدث في ذلك اليوم”.

يشير رولا إلى أن الحملات الداعية إلى تغيير التاريخ لم تقدم بديلاً واضحًا، لذا قرر البحث عن تاريخ بديل يمكن أن يكون رمزًا للوحدة الوطنية، وليس الانقسام.

بدأ العمل على بودكاست بعنوان “ابحث عن التاريخ”، حيث ناقش مع شخصيات بارزة تواريخ بديلة لليوم الوطني، وفتح المجال للجمهور لإبداء آرائهم. لم يكتمل المشروع، لكن بعد عامين، وخلال حديث مع والدته، خطر له تاريخ 25 سبتمبر – اليوم الذي فازت فيه كاثي فريمان بالذهب الأولمبي.

لماذا 25 سبتمبر؟

يرى رولا أن هذا اليوم يمثل لحظة تاريخية نادرة وحدت جميع الأستراليين دون صراع أو عنصرية أو تمييز. يقول: “لم يكن مجرد لحظة عابرة، بل كان اللحظة التي غمرنا فيها الشعور الجماعي بجمال هويتنا، بدلاً من أن يكون محل نزاع وخلاف”.

يعترف بأن البعض قد يعترض على اعتبار 25 سبتمبر يومًا وطنيًا لأنه يرتبط بإنجاز فردي، لكن بالنسبة له، الحدث يمثل أكثر من مجرد انتصار شخصي: “لم يكن الأمر عن كاثي فريمان وحدها، بل عن ما مثلته للجميع”.

كما يشير إلى جوانب عملية تجعل التاريخ مناسبًا، مثل كونه يأتي مع بداية الطقس الدافئ، وقربه من نهائي دوري كرة القدم الأسترالي، وفي وقت من العام يكون فيه الناس بحاجة ليوم عطلة والتجمع معًا.

ردود الفعل الحكومية

أعرب وزير مساعد رئيس الوزراء، باتريك غورمان، عن شكره لرولا على اقتراحه، لكنه أكد أن الحكومة ترى ضرورة الإبقاء على يوم أستراليا في 26 يناير، حيث يعتبر فرصة للاعتراف بالماضي وتقدير ثقافة السكان الأصليين.

من جانبه، أشار زعيم المعارضة بيتر داتون إلى أهمية الاحتفال باليوم الوطني تحت راية واحدة، قائلاً: “لدينا تراث أصلي نفخر به، ولدينا قصة مهاجرين مذهلة، وعلينا أن نكون فخورين بهويتنا كأستراليين”.

البحث عن إجابة مقنعة

يرى رولا أن تاريخ 26 يناير قد تم اعتماده بناءً على “فرضية خاطئة”، حيث يعتقد البعض أنه يصادف اليوم الذي أسس فيه الكابتن كوك أستراليا، رغم أنه وصل إلى القارة عام 1770، قبل الاستيطان البريطاني الفعلي في 1788.

يقول: “حتى لو تجاهلنا حقيقة أن السكان الأصليين عاشوا في هذه القارة لآلاف السنين، فإن المستكشفين الهولنديين والبرتغاليين والمكاستان قد زاروا هذه الأرض قبل البريطانيين بفترة طويلة”.

ويضيف: “لكنني تجاوزت مرحلة الجدل حول ما إذا كان ينبغي الاحتفال في 26 يناير أم لا. لقد وجدت تاريخًا بديلًا، وإذا كان لدى أحدهم حجة قوية ضد 25 سبتمبر، فأنا مستعد للاستماع إليها”.

المصدر: