شارك مع أصدقائك

أول دفعة من النساء – سياسة

في عام 1985، وصلت 49 فتاة، معظمهن مراهقات، إلى قاعدة “كابوكا” العسكرية في نيو ساوث ويلز، لخوض نفس التدريبات العسكرية التي يخوضها الرجال للمرة الأولى في تاريخ الجيش الأسترالي. هذه قصتهم وكيف تجاوزوا التحديات الصعبة.

كانت الحافلة تنقل 49 فتاة إلى ثكنات “بلامي” في كابوكا. وعندما توقفت، بدأ الجميع في إنزال حقائبهم. تتذكر “إلينور راش” قائلة: “كان علينا السير في تشكيل عسكري، رغم أننا لم نكن نعرف كيف نفعل ذلك، على ممرات ضيقة، وبعضنا كان يرتدي الفساتين والكعب العالي.” وعندما دخلن إلى قاعة الطعام لأول مرة، ساد الصمت. “49 امرأة دخلن بينما كان هناك ألف رجل يتناولون عشاءهم.”

تتذكر “نويلا ويتمور” تلك اللحظات بقولها: “كان الأمر مرعبًا.” حتى قبل أن يصلن، كان العريف يصرخ عليهن في الحافلة: “أنتم الآن جنود في الجيش الأسترالي النظامي. من الآن فصاعدًا، ستنادونني بالعريف، هل هذا واضح؟”

ما لم تكن تعرفه هؤلاء النساء هو أنهن كن على وشك دخول عالم قاسٍ من الألم والتحدي.

اجتياز المستحيل

كانت هذه أول دفعة من النساء في التاريخ الأسترالي تخوض تدريبات قتالية كاملة، بما في ذلك التدريب على الأسلحة والتدريبات البدنية الشاقة التي كانت تتطلب جهدًا كبيرًا حتى من الرجال.

قبل ذلك، كانت مشاركة النساء في الجيش مقتصرة على الأدوار الداعمة مثل التمريض. لكن التدريب في كابوكا كان مختلفًا تمامًا عن التدريبات السابقة التي كانت تركز على السلوكيات واللياقة البدنية البسيطة. تتذكر “جود كارتر”، إحدى المجندات الجدد، قائلة: “في السابق، كنا نحصل على دروس في طريقة المشي والتصرف، وحتى ملابسنا كانت مصممة من قبل المصممة الشهيرة برو أكتون.”

أما “إيفون سيليت”، إحدى المدربات، فتقول: “لم يكن هناك أي تسهيلات أو استثناءات بسبب كونهن نساء. كان عليهن تحقيق نفس معايير الرجال.”

“كنا هناك لنثبت أنهم مخطئون”

واجهت النساء تحديات جسدية ونفسية قاسية، وكان الجميع يراقبهن، سواء من داخل الجيش أو من وسائل الإعلام. تقول “هوارد”: “كنّ تحت ضغط مستمر. الجميع كان يتوقع فشلنا، حتى ضباطنا وقادتنا.”

تمت مواجهة المجندات بالاستهزاء، بل كان يُطلق عليهن لقب “الأغطية الأرضية”، في إشارة إلى الأدوات التي ينام عليها الجنود في الأدغال. لكن “كيرستن ويليامز” تؤكد: “كنا هناك لنثبت أنهم مخطئون.”

تضيف “كارتر”: “لم يكن هناك أي شيء سيمنعنا من إثبات أننا قادرون على تحقيق ما يحققه الرجال، إن لم يكن أفضل.”

تحديات جسدية هائلة

خلال 12 أسبوعًا من التدريب القاسي، كان البكاء ليلًا شائعًا بين المجندات بسبب الإرهاق الشديد. كان يتم علاج البثور باستخدام الكحول، والتدريبات كانت مستمرة رغم الإصابات، من آلام الركبتين إلى التواء الكاحل.

لم يكن هناك وقت للراحة، فاليوم يبدأ قبل الفجر بتمارين شاقة، تليها تدريبات قتالية، وإسعافات أولية، ومسيرات طويلة بأحمال ثقيلة. لكن روح الفريق كانت الحافز الأكبر لهن. تقول “ويليامز”: “كان لدينا شعور قوي بالانتماء، لم نرغب في خذلان بعضنا البعض.”

لحظة تاريخية: النساء يحملن السلاح

لأول مرة في تاريخ الجيش الأسترالي، خضعت النساء لتدريبات على استخدام الأسلحة. كان عليهن تعلم كيفية فك وتركيب البندقية، وإجراء التدريبات القتالية بنفس معايير الرجال.

تتذكر “ويليهان”: “كان علينا رفع البنادق فوق رؤوسنا أثناء الجري، وكانت تزن حوالي 4 كجم.”

إرث لا يُنسى

اليوم، وبعد 40 عامًا، تظل الروابط بين هؤلاء النساء قوية. يجتمعن كل خمس سنوات، لتذكر تلك الأيام الصعبة، وللاحتفال بانتصارهن على التحديات.

تقول “ويليامز”: “ما مررنا به معًا خلق بيننا روابط لا تنكسر. دعمنا بعضنا البعض طوال الحياة، خلال الزواج، الطلاق، الفقدان، والألم. كنا وما زلنا عائلة.”

في النهاية، أثبتن أنهن قادرات على تجاوز كل التوقعات، وأصبحن رمزًا للشجاعة والتغيير في الجيش الأسترالي.

المصدر :