شارك مع أصدقائك

محافظ البنك الاحتياطي الأسترالي – اقتصاد

صرحت محافظ البنك الاحتياطي الأسترالي، ميشيل بولوك، بأن تراجع استخدام النقد «في انخفاض طويل الأمد»،متوقعة أن يستمر تواجده لعشر سنوات أخرى فقط، وهو ما سيؤثر بشكل كبير على الفئات الضعيفة، بما في ذلك الأسر ذات الدخل المنخفض والمجتمعات الإقليمية.

تحديات توزيع النقد

وأوضحت بولوك، خلال جلسة استجواب برلمانية في كانبيرا عقب أول خفض لأسعار الفائدة منذ الجائحة، أن النقد لا يزال يشكل وسيلة دفع مهمة، خصوصًا في أوقات عدم اليقين الاقتصادي، لكنه أصبح أكثر تكلفة وأصعب توزيعًا في المجتمعات التي تحتاجه.

ومع ذلك، أكدت أن البنك الاحتياطي الأسترالي ملتزم بضمان بقاء النقد كوسيلة دفع قابلة للاستخدام «طالما أن الأستراليين يريدون أو يحتاجون إلى استخدامه».

ورداً على تساؤلات عضو البرلمان غارث هاميلتون من الحزب الليبرالي الوطني، شددت بولوك على ضرورة أن تنظر البنوك والجهات التنظيمية والحكومة إلى حلول دائمة بدلاً من الحلول المؤقتة لمشكلة تراجع استخدام النقد.

وأضافت: «علينا إيجاد نظام جديد يسمح بتوزيع النقد بطريقة مستدامة خلال السنوات العشر القادمة»، مشيرة إلى أن المشكلة الأساسية تكمن في ارتفاع تكلفة التوزيع مقابل انخفاض عدد المستخدمين، لكنها رأت أن فرض رسوم على المستهلكين لاستخدام النقد لن يكون مقبولًا.

البنوك ومخاوف الرسوم الإضافية

وفي ديسمبر الماضي، اضطرت بنك الكومنولث إلى تعليق خطط فرض رسوم بقيمة 3 دولارات على عمليات السحب النقدي من الفروع، كما واجه بنك بنديغو انتقادات بسبب فرض رسوم مماثلة بقيمة 2.50 دولار.

وفي هذا السياق، قالت بولوك إن البنك الاحتياطي الأسترالي يدرس إمكانية توسيع التعويضات المالية للبنوك مقابل الاحتفاظ بالنقد لتشجيعها على توفير السيولة النقدية للمجتمع.

مستقبل النقد في ظل أزمة أمنية

يأتي هذا التقييم القاتم لمستقبل النقد في أستراليا بعد أن قدمت البنوك شريان حياة مالي بقيمة 50 مليون دولار لشركة «لينفوكس أرماغارد» لضمان استمرار عملياتها حتى يونيو، وسط مخاوف من أن انسحابها سيؤثر على حركة النقد داخل البلاد.
وقالت بولوك إن البنوك تعمل «بجد» على خطة طوارئ، لكنها أبدت قلقها من أن الوضع لا يزال غير مستقر. وأضافت: «إذا لم يتم التوصل إلى حل، فسنكون في مأزق حقيقي».

دور البنك الاحتياطي في تنظيم العملات الرقمية

وخلال الجلسة نفسها، قدمت بولوك تقييمًا صارمًا لعملة البيتكوين، مؤكدة أنها لا تؤدي وظيفة المال الحقيقية، ولا ترى لها أي دور في نظام المدفوعات.
وأوضحت أن «البيتكوين لا يتمتع بقيمة ثابتة، ولا يمكن ضمان أن سعره اليوم سيكون هو نفسه غدًا.

كما أن عمليات الدفع عبره بطيئة للغاية مقارنة بالأنظمة التقليدية التي تتم فيها المعاملات خلال أجزاء من الثانية».

وعندما سألها عضو البرلمان جيروم لاكسال عما إذا كان البنك الاحتياطي الأسترالي يمكن أن يتحرك لتنظيم العملات الرقمية، أجابت بأن هذا ليس من اختصاص البنك،

مشيرة إلى أن هيئة الأوراق المالية والاستثمارات الأسترالية (ASIC) ووكالة AUSTRAC هما الجهتان المسؤولتان عن ذلك.
وأضافت أن الحكومة يمكن أن تتدخل لتنظيم عمليات تبادل العملات الرقمية أو وضع نظام ترخيص للعملات المستقرة.

اعتراف بتأخر البنك في مواجهة التضخم

واعترفت بولوك بأن البنك الاحتياطي الأسترالي كان بطيئًا في الاستجابة لارتفاع التضخم،

مشيرة إلى أن البنك «لم يرفع أسعار الفائدة بالسرعة المطلوبة».

وكان سلفها، فيليب لوي، قد بدأ في مايو 2022 برفع أسعار الفائدة لمواجهة التضخم المتزايد بسبب اضطرابات سلاسل التوريد الناتجة عن جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا.

التضخم والتوقعات المستقبلية لأسعار الفائدة

تراجعت نسبة التضخم الرئيسي إلى 2.4٪ في الربع الأخير من عام 2024، بعد أن بلغت ذروتها عند 7.8٪ في ديسمبر 2022. كما انخفض التضخم الأساسي، الذي يستبعد العناصر المتقلبة، إلى 3.2٪، ليقترب من نطاق هدف البنك الاحتياطي البالغ 2-3٪.

وبعد أول خفض لأسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، قالت بولوك إن انخفاض تكاليف الإسكان والخدمات، إلى جانب ضعف الطلب الخاص، دفع البنك إلى اتخاذ هذا القرار.

وأضافت أن «البنك لا يريد أن يتأخر مجددًا كما حدث عند رفع أسعار الفائدة»،

مشيرة إلى أن البنوك المركزية حول العالم تمر بتجربة مماثلة في تخفيف السياسة النقدية.
لكنها حذرت من أن التضخم يجب أن يستمر في الانخفاض لضمان مزيد من تخفيضات الفائدة.

تأثير التضخم على الفئات منخفضة الدخل

ورأت بولوك أن الفئات منخفضة الدخل، وخاصة المستأجرين، كانت الأكثر تضررًا من التضخم المرتفع، مشيرة إلى أنهم عانوا من ارتفاع تكاليف المعيشة وأزمة الإسكان.
وبخلاف مالكي المنازل الذين يستفيدون من خفض أسعار الفائدة، فإن المستأجرين لن يشعروا بتحسن فوري.

وأضافت: «لقد شهدوا زيادات هائلة في الإيجارات، كما واجهوا ارتفاعًا حادًا في التضخم، لذا فإن الفائدة الحقيقية لهم ستكون في تراجع التضخم نفسه».

الحذر بشأن تخفيضات الفائدة المستقبلية

وفي تصريحاتها الختامية، أكدت بولوك أن البنك الاحتياطي سيظل «حذرًا» بشأن أي تخفيضات إضافية لأسعار الفائدة،

محذرة من أن التسرع في هذا القرار قد يعطل جهود مكافحة التضخم.
وأوضحت: «أي تخفيف سريع أو كبير للسياسة النقدية قد يؤدي إلى تباطؤ عملية خفض التضخم، مما يجعل الأسعار تستقر فوق النطاق المستهدف».
ورداً على سؤال من النائبة ألِغرا سبندر، أكدت بولوك أن تأثير خفض الفائدة سيستغرق وقتًا ليشعر به المستهلكون.
وأضافت أن «السياسة النقدية تتسم بتأثيرات متأخرة يصعب التنبؤ بها بدقة، ولكن أي تخفيض، حتى ولو كان طفيفًا، سيكون له أثر إيجابي على الناس».

تحذير للأسواق بشأن توقعات خفض الفائدة

وحذرت بولوك من أن الأسواق «متفائلة أكثر من اللازم» بشأن خفض الفائدة في المستقبل، مشيرة إلى أن البنك سيعتمد على البيانات الاقتصادية في اتخاذ قراراته.
وأضافت: «في حين أن التضخم تراجع بشكل كبير عن ذروته في 2022، إلا أن هناك مخاطر قد تعيد الضغط التصاعدي».
ومن المتوقع أن يتخذ البنك قراره التالي بشأن الفائدة في الأول من أبريل، قبل الانتخابات الفيدرالية المقررة في 17 مايو.

رسالة بولوك للأستراليين

واختتمت بولوك حديثها برسالة مباشرة إلى الأستراليين: «أعلم أنكم تعانون، وأن معدلات الرهن العقاري ارتفعت كثيرًا، ولكن يجب علينا السيطرة على التضخم.

إذا لم نقم بذلك، فلن تنخفض أسعار الفائدة، وستظلون عالقين مع تضخم مرتفع وفائدة مرتفعة. علينا أن نتحلى بالصبر، رغم صعوبة الأمر».

المصدر